(ترقـق العظــــــام (هشاشة العظام
تمهيد
هومرض كثير الإنتشار يصيب النساء أكثر من الرجال. ويتميز بهشاشة في العظام تبدأ وتزداد في صمت إلى أن تحدث الكسور. وهذه الكسور تؤثر كثيرا في جودة العيش وقد تؤدي في بعض الأحيان إلى الوفاة، كما أنها تتسبب في نفقات باهضة تثقل كاهل المجتمع. وقد أثبت بعض الدراسات في بلادنا أنه عند سن الخمسين تصبح امرأة من كل ثلاث نساء معرضة للكسور وهذه النسبة تزداد مع التقدم في السن. وبما أن عدد المسنين في تزايد مستمر، فإننا نتوقع إذا ما استمر الأمر على هذه الحال مضاعفة عدد الكسور وبالتالي المزيد من النفقات.
والجمعية المغربية لأمراض الروماتيزم تسعى بدورها إلى التعريف والتحسيس بهذا المرض قصد التخفيف من وطأته ومضاعفاته، وذلك موازاة مع مجهودات المنظمات العالمية في هذا الميدان.
ملاحظـــة حـــــــول التسميــــــة
نجد في العربية عدة مرادفات للتعبير عن هذا المرض نذكر من بينها ترقق العظام ووهن العظام وتخلخل العظام كما يسميها أغلب الناس هشاشة العظام
تعريف المــــــــــــــرض
هو مرض يصيب الهيكل العظمي ويتميز بنقص في الكتلة العظمية مع وجود خلل في البنية الدقيقة للنسيج العظمي مما يؤدي إلى عظام أقل صلابة وأكثر عرضة للكسور.
التحولات الطبيعية في حياة العظام
توجد في العظام حركة دائمة في الهدم والبناء. فهناك خلايا تعمل باستمرار لهدم العظام القديمة (البالية) والتخلص منها. وهناك خلايا أخرى تعمل كذلك بدون انقطاع لبناء عظام جديدة وصلبة لتحل محل العظام البالية. وبهذا تكون العظام في تجدد مستمر.
وهناك ثلاث مراحل أساسية بالنسبة لحياة العظام
المرحلة الأولى : تمتد من الولادة إلى ما بين سن العشرين والثلاثين وفيها يعمل الجسم بجد ليجمع أكبر مخزون ممكن من الكتلة العظمية.
المرحلة الثانية : من سن الثلاثين إلى ما بين الأربعين و الخمسين، وهنا تتساوى عملية الهدم والبناء وبالتالي تبقى فيها الكتلة العظمية بدون تغيير.
المرحلة الثالثة : والتي تمتد إلى آخر العمر وهنا يتفوق الهدم على البناء فيؤدي إلى إتلاف تدريجي في المخزون العظمي وإلى نقصان في الكتلة العظمية.
كيف يحدث المرض؟
يحدث ترقق العظام في احدى الحالتين التاليتين أو بوجودهما معا.
الحالة الأولى: وجود مخزون عظمي ناقص من الأساس بسبب العامل الوراثي (غالبا) أو بتأثير النظام الغذائي ونمط العيش.
الحالة الثانية: يكون المخزون العظمي سليما في الأصل, ويصاب بتلف سريع اما بعامل طبيعي (انقطاع دم الحيض) أو بعوامل مرضية متعددة.
أسباب ترقق العظام
هناك عوامل كثيرة تتسبب في ترقق العظام نذكر من بينها :
- انقطاع دم الحيض عند المرأة
وبالخصوص اذا كان في سن مبكرة. فالمعروف أن لمادة الأستروجين دور ايجابي على العظام . ومع انقطاع دم الحيض تقل هذه المادة في جسم المرأة فتتأثر العظام سلبا وتبدأ الكتلة العظمية في نقصان ملحوظ.
- الشيخوخة
مع تقدم الانسان في السن ينقص نشاط خلايا الجسم بما فيها الخلايا البانية للعظام.
- الاسباب الاخرى:
نجد عدة أسباب تؤدي الى نقصان الكثلة العظمية منها:
- أسباب متعلقة بالعادات ونمط العيش:
- تغذية ناقصة من الكالسيوم وتعرض غير كاف لأشعة الشمس.
- الخمول وقلة الحركة
- التدخين المزمن والافراط في شرب الكحول
- الانخفاض الشديد لوزن الجسم (خاصة في حالة فقد الشهية العصابي عند المرأة)
- تناول بعض الادوية وفي مقدمتها دواء الكورتزون
- اضرابات النسيج العظمي الوراثية.
- بعض الأمراض المزمنة, ومنها:
- أمراض الغدد: فرط (تهيج) الغدة الدرقية(La thyroide), والغدد الدريقية(Les parathyroides), والغدد الكظرية(Les surrenales). وقصور الغدد التناسلية(Les glandes sexuelles) وكذلك داء السكري
- أمراض الروماتزم الالتهابي المزمن.
- بعض الامراض المزمنة للجهاز الهضمي
- الحمل المتكرر والرضاعة
- كما لا ننسى العامل الوراثي الذي يتحكم أساسا في اكتساب أكبر مخزون عظمي قبل سن العشرين. والعامل العرقي الذي يجعل المرأة البيضاء أكثر عرضة للمرض من المرأة السمراء أو السوداء.
أعـــراض المـــــــــرض
في بداية الأمر يتطور المرض تدريجيا بدون أية أعراض إلى أن تحدت الكسور. وهذه الكسور تطرأ على إثر حوادث بسيطة وفي بعض الأحيان بدون حوادث. فإذا أصابت الكسور فقرات الظهر فإنها عادة ما تعطي آلاما شديدة تزداد مع أدنى حركة وحتى مع السعال أو العطس وهذا الألم يزول تدريجيا بين ثلاثة إلى ثمانية أسابيع.
وتجدر الاشارة الى أنه كلما وقع كسر بسبب هشاشة العظام كلما تضاعف احتمال وقوع كسور أخرى.
وهذه الكسور تؤدي إلى انضغاط في الفقرات المصابة، ونقص في علوها فينتج عن ذلك تقوس في الظهر ونقص في قامة الشخص المصاب. وقد يؤدي هذا إلى آلام مزمنة. كما يجب الإشارة كذلك الى أنه في بعض الأحيان وخصوصا عند المسنين قد تحدث هذه الكسور بدون ألم أو مضايقة.
وبالإضافة إلى كسور الفقرات فإن باقي العظام معرضة هي الاخرى للكسور وخاصة منها عظم المعصم وعظم الفخد وعظام الأطراف والحوض والضلوع. ويجب التنبيه إلى أن كسر عظم الفخد يعتبر من الكسور الخطيرة جدا.
كيـــف يتـــم التشخيــــــــص
يرتكز الطبيب في تشخيص المرض على عدة آليات منها :
- البحث عن العوامل المسببة للمرض والمعرضة للكسور.
- الفحص الدقيق للمريض
- الإستعانة بالوسائل التصويرية وكذلك ببعض التحليلات المختبرية. والفائدة منها هو التأكد من سلامة العظام من أمراض أخرى تشبه في أعراضها مرض ترقق العظام.
- قياس الكثافة المعدنية للعظم.
الذي بفضله أصبحنا نتعرف على المرض قبل وقوع الكسور. ونلجأ اليه في الحالات التالية
- عند النساء بعد سن الخامسة والستين والرجال بعد سن السبعين
- عند النساء قبل هذا السن في حالة وقوع كسر على اثر حادث بسيط او في حالة وجود بعض العوامل المسببة للمرض.
ترقق العظام عند المرأة والرجل
لا شك أن المرأة أكثر عرضة للمرض من الرجل. فعند المرأة يكون المرض متعلقا اساسا بانقطاع دم الحيض الذي يحدث عادة حوالي سن الخمسين, وهنا يصبح أكثر من ثلث النساء معرض للكسور. ففي الفترة العمرية ما بين سن الخمسين و السبعين يصيب ترقق العظام النساء بصفة خاصة (5 نساء لرجل واحد) أما بعد سن السبعين فيصبح المرض مرتبطا بالشيخوخة اساسا، وفي هذه المرحلة يرتفع عدد إصابة الرجال فتصبح النسبة امرأتين لرجل واحد.
ما هي الوسائل الوقائية لهذا المرض ؟
الوقاية من مرض ترقق العظام ترتكز على عدة وسائل من بينها :
vالتغذية السليمة والمتوازنة والغنية بالكالسيوم والاستفادة المثلى من الفيتامين د, وذلك في جميع أطوار العمر وبالخصوص عند الأطفال وعند المسنين. فعند الأطفال، تساعد هذه التغذية على كسب أكبر مخزون ورصيد عظمي.
وأما عند المسنين، فأنها تحد من وثيرة إتلاف العظام.
- الرياضة البدنية ومنها المشي فقد تبت أن التوقف عن الحركة يؤدي إلى هشاشة العظام كما تبت أن الرياضة المواظب عليها تساعد على كسب عظام قوية.
- تجنب التدخين والكحول.
- تجنب تناول الكورتيزون بدون دواعي طبية.
- اللجوء عند بعض النساء بعد سن اليأس إلى علاجات هرمونية وذلك باستشارة الطبيب المختص وتحت المراقبة المستمرة له.
- تفادي الكسور عند المسنين, بالعمل على تجنب كل العوامل المسهلة للسقوط. وذلك ب:
-علاج ضعف البصر – تجنب الأدوية المؤثرة سلبا على التوازن- التأكد من خلو البيت من مسببات السقوط.
عـــلاج ترقــــق العظـــــــام
لقد أصبحنا اليوم نمتلك أدوية فعالة ضد مرض ترقق العظام. فبالإضافة إلى تناول الكالسيوم والفيتامين د, فإننا نلجأ إلى عقاقير متنوعة وفعالة مثل البسفوسفونات والدينوزيماب والتيريباراتيد.. كما أن هناك أدوية اخرى جد فعالة سترى النور قريبا انشاء الله.
كلمة ختامية
يجب التأكيد في الأخير على أن مرض ترقق العظام ليس قدر كل النساء، لقد أصبحنا نعرف العوامل المسببة للمرض وبالتالي يمكن التصدي لبعضها. كما أصبحنا نشخص المرض قبل الكسور ونمتلك أدوية فعالة لعلاجه. كما يجب الاشارة الى أن عمليات التوعية و التحسيس بمرض ترقق العظام لها أثر إيجابي كبير لتجنب هذا المرض وللتقليل من خطورته.
د/صلاح الدين المعروفي